بسم الله الرحمن الرحيم
دل القرآن ودلت السنـة على عدل الله المطلق وأنه لاينبغي لعبــد أن يظلم من دونه ، وأيا كان الأمر فإن الله_جل وعلا_ يقتص من الظالم للمظلوم .
فقد جـاء في بعض الأثر أن كليم الله سبدنا موسى عليه السلام سأل ربه قــائلا أي رب : أرني عدلك المطلق... ، فقال الله _جل وعلا_ له: "اذهب إلى مكان ما عنده نهروعند النهر شجرة كبيرة فامكث عندها أو خلفها، فذهب سيدنا موسى كما أوصاه ربه إلى ذلكم النهر، يستسقي عنده الناس ، ومكث غير بعيد خلف الشجرة يراقب ، فجـاء رجل فارس على فرسه فشرب واغتسل ومعه صرة فيها دنانيرذهب ، ثم نسي الصرة ومضى،_الآن النبي موسى يراقب يريـد أن يرى عدل الله_المطلق ، فلما مضى الفارس،جــاء بعده غلام صغير، فلما جاء الغلام الذي يناهز الحلم، رأى الصرة وما بها من ذهب فأخـذها ومضى مسرعا، بعد قليل جاء رجل هرم كبير السن كأنه أعمى طبعـا لم يرالفارس ولم ير الصرة، جاء إلى النهر فأخذ يشرب من الماء ويغتسل،و في حال كونه يشرب تذكر الفارس أنه نسي الصرة فعاد إلى مكانه فوجــد الرجل الهرم الأعمى يشرب في المكان نفســه، فسأله عن الصرة فأنكر الأعمى؛ لإنه لايعرفها، كان ملحا في الإنكار ؛ لإنه حقيقـة لايدري ، فقتله الفارس ومضى، فقــال الله عز وجل للنبي موسى عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام:
أمـا الفارس ، فسرق الصرة قديما من أبي الغلام ، فرددت الصرة إلى ابنه، وأمـا الأعمى فقد قتل والد الفارس يوم أن كان الفارس صغيرا، فاقتصيت للفارس من الأعمى،فــالأعمى قتل بعدل الله، والفارس فقـد المال بعدل الله، والصبي رجع إليه مال أبيــه بعدل الله. هذا كله في موقف واحد يبين عدل الله المطلق. ولو أن أحدا من الفلاسفة وعلماء الكلام أو العقلانيين الذين يحكمون العقل ويذرون الشرع أو الملاحدة والعلمانيين وما أكثرهم قد رأى هذا الموقف لتشكك قي عدل الله وخرج علينا بمقال يشكك فيه بعدل الله"سبحانه وتعالى عما يصفون.
الخاتمة:
لكي تدرك عدل الله المطلق في نفسك وترضى بتدبيره:
1_انظر الى نفسك وانظر الى أي شخص تعتقد أنه أفضل منك فى أشياء كثيرة ثم تمعن فى كل شئ عنده سوف تجد بالتأكيد أن لديك شيئا ليس عند هذا الشخص.
أى ما أعطاه الله لهذا الرجل أنقصه عندك فى مقابل أن الله أنقص شئ عنده وأعطاه لك
2_انظر لمن هو أسوأ منك حالا وكيف ابتلاه الله بأمراض لاشفاء منها بينما أعطاك أنت صحة بارك لك فيها فأصبحت لاتحتاج الى انفاق اموالك على علاجات قد لاتفيد فى النهاية
3_الدنيا ليست كل شئ فالدنيا هى اختبار قصير جدا لنا..والجائزة الكبرى هى جنة المأوى فليس معنى أن شخص أعطاه الله بعض حظوظ الدنيا أنه انسان محظوظ سوف يدخل الجنة فقد يكون هذا الحظ الذى يتمتع به ماهو الا شئ سئ له لأنه يستغل حظه فى الشر وليس في الخير فتكون نهايته هى النار
4_أن لك قدوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كان حبيب الله ومع ذلك جعله الله يرى وفاة أبنائه قبله الا السيدة فاطمة ....كما لم يجعل أحدا من ابناءه الذكور يعيش أكثر من عام بينما أعطى الله لكفار قريش أبناءا ذكورا
فهل تعتقد أن هذا ظلم للرسول؟!! لا يا أخى هذا ليس بظلم لأن الله أعطى للرسول الأخرة وليس الدنيا وجعل شأنه واسمه اعلى من مشركى قريش الذين لايتذكرهم الناس الا بالسوء
5_انظر الى قصة سيدنا موسى مع الخضر فاذا أخذت النصف الأول من القصة سوف تجد أن كل مافعله الخضر هو قمة الظلم ولكن عندما اكتملت القصة تبين أنه قمة العدل
هل تعرف لماذا ؟!! لأننا نحن بشر نجهل أشياء كثيرة فاننا نجهل المستقبل والمجهول ولكن الله يعلم المجهول لذلك يختار لنا مايناسبنا
6_"وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
7_وما أيدريك أنك قد تكون فعلت أو قلت شيئا سيئا فى حق شخص أخر فيعاقبك الله عليها فى الدنيا وهذا أفضل وخير لك من عقاب الأخرة
8_ وما يدريك أن سوء الحظ والظلم الذى تعتقد أنه يلازمك قد يعوضه الله على ابنائك فيكونون بخير حال
9_الرضاء بقضاء الله خيره وشره هو قمة الايمان...فقد يكون مايحدث لك هو اختبار لايمانك فارض واصبر بقضاء الله ولاتظلم نفسك بقولك فقد يعطيك الله بعد الرضا خير لاتعلمه
فقد كان الرسول يتمنى أن تكون القبلة نحو الكعبة وليس المسجد الأقصى ومع ذلك رضى الرسول بقضاء الله ولم يطلب منه ذلك فكان تحويل القبلة نحو الكعبة كما إشتهى
لقد رضى سيدنا ابراهيم واسماعيل عليهما السلام بقضاء الله فكان افتداء الله لسيدنا اسماعيل بذبح عظيم." إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا".